على مدار الثلاثين عامًا الماضية، برزت مجموعة كبيرة من الأعراف والفقه القضائي على المستوى الدولي بشأن الحق في الجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي جنبًا إلى جنب مع برامج جبر الضرر الدولية والمحلية من أجل تحقيق الانتصاف بالنسبة للضحايا. على الرغم من هذه التطورات، تظل هناك فجوة كبيرة في التنفيذ وتأخير زمني بين وقوع الانتهاكات وحدوث الانتصاف مما يفاقم من سوء الأوضاع بالنسبة للضحايا ويؤثر على جودة حياتهم ويترك المجتمعات المحلية المتضررة في حالة هشة وضعيفة. وبالاستفادة من شبكات الخبرات والبحوث التجريبية في عدد من الدول، تهدف هذه المبادئ التوجيهية إلى تحديد أساليب الممارسة الجيدة من أجل توفير المعلومات للضحايا والجهات الفاعلة المسؤولة ومنظمات المجتمع المدني والجهات المانحة وصانعي السياسات والمديرين بشأن كيفية إعمال برامج جبر الضرر وتحقيقها على أرض الواقع. الهدف هو التخلص من التعقيدات التي تنطوي عليها ترجمة التزامات حقوق الإنسان بشأن عمليات جبر الضرر إلى ممارسات والتأكيد على المبادئ الهامة للاسترشاد بها أثناء تحقيق الانتصاف.

لا تُنفَّذ عمليات جبر الضرر وبرامجه عادةً بسبب عدم وجود إرادة سياسية أو تهميش الضحايا سياسيًا واقتصاديًا أو استمرار انعدام الأمن أو تفشي انتهاكات حقوق الإنسان. وفي بعض الحالات التي تكون فيها برامج جبر الضرر قد تم إنشاؤها، غالبًا ما تفتقر السلطات للوسائل المالية والقدرة التقنية اللازمة لتنفيذ هذه البرامج على نحو فعال. وعلاوة على هذا، من الممكن أن تسيء الحكومات استخدام برامج جبر الضرر لتلافي قيام الضحايا برفع المزيد من الدعاوى القانونية أمام المحاكم الوطنية أو هيئات حقوق الإنسان الإقليمية أو الدولية أو لكي يستفيد الموالون للدولة أو من حاربوا لصالحها. وأحيانًا يحدث خلط بين برامج جبر الضرر والبرامج الإنمائية مما يقلِّص من حق الضحايا في الانتصاف والتدابير الملائمة. يمكن أيضًا أن تعاني أطقم العمل والممارسات الثقافية داخل المؤسسات ضمن نطاق برامج جبر الضرر من التحيز أو التمييز مما يؤدي إلى إيذاء من تُعرَض عليهم هذه البرامج مرة ثانية وزيادة تهميشهم.

وفي حين تُثار مسألة التكلفة المالية الخاصة ببرامج جبر الضرر غالبًا لتفسير سبب عدم إنشاء أحد البرامج أو تنفيذه، من الممكن أن يكون هذا لإخفاء مقاومة الحكومة لفكرة التعاطي مع الماضي أو احتمالية كون هذه البرامج تمثل فائدة هزيلة بالنسبة للمبالغ المدفوعة في إنفاق ميزانية الدولة. الالتزام بضمان حصول الضحايا على سبل انتصاف كافية وفعالة وعاجلة مرهون بمبدأ التناسب، حيث ينبغي أن يتم الانتصاف لهذه الانتهاكات “لأقصى حد ممكن” بطريقة تعالج على النحو الواجب الأذى الذي لحق بالضحايا. لا تستطيع عمليات جبر الضرر محو الأذى والأضرار التي نتجت عن الانتهاكات الناشئة من النزاع المسلح كأنها لم تكن، لكن الموارد المالية ضرورية من أجل علاج بعض الآثار المستمرة على النحو الواجب وتمكين الضحايا من عيش حياة كريمة. تنطوي عمليات جبر الضرر بالفعل على التزام مالي كبير، لكن يمكن تقسيمه على ميزانيات عدة سنوات أو توفير الدعم له بواسطة الجهات المانحة أو استخدام مجموعة من أدوات التمويل المبتكرة لتغطية جزء من التكاليف مثل إعادة توظيف بعض الأصول المحجوزة التي تخص مرتكبي الانتهاكات أو إلغاء الديون المالية أو توفير الدعم المالي الدولي نظير تقديم التزامات بدعم الضحايا وتحقيق أهداف أخرى تتعلق بإتاحة وصولهم لسبل العدالة وإدماجهم والتخفيف من حدة الفقر الذي يعانون منه. يمكن أن يرى المجتمع منفعة تعود عليه من استثماره ماليًا في عمليات جبر الضرر من خلال التأكد من أن من تدهورت أحوالهم بفعل النزاع المسلح قادرون على إعادة بناء حيواتهم، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على خفض التوترات وتقليل احتمالات تكرار أحداث العنف مرة أخرى. ومن هذا المنطلق، يمكن أن تساهم عمليات جبر الضرر الفعالة في تقوية سيادة القانون والانتقال نحو مجتمعات أكثر عدلًا.

هذه المبادئ التوجيهية مصممة لمشاركة الممارسات الجيدة مع الجهات الفاعلة التابعة للدولة وغير التابعة لها بشأن تنفيذ عمليات جبر الضرر الفعالة في المجتمعات التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع بهدف التغلب على التحديات الشائعة التي حددتها البحوث والأعمال الميدانية الشاملة التي تم إجراؤها في عدد من المجتمعات المحلية التي تضررت بفعل النزاع المسلح. تستند المبادئ التوجيهية على مقابلات أُجرِيَت مع أكثر من 250 شخص عبر سبع دول هي:  كولومبيا، وغواتيمالا، ونيبال، وأيرلندا الشمالية، وبيرو، وجنوب السودان وأوغندا. ويشمل من راسلناهم الضحايا والمقاتلين السابقين والمسؤولين الحكوميين وصانعي السياسات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والخبراء والجهات المانحة. وعقدت ثلاث ورشات عمل في بوغوتا وجنيف ونيويورك جنبًا إلى جنب مع اجتماع المائدة المستديرة للخبراء من أجل استنباط أفضل الممارسات والدروس المستفادة. تعكس هذه المبادئ التوجيهية النتائج التي تم التوصل إليها من خلال مشروع مدته خمس سنوات يدعى “جبر الضرر والمسؤولية ووضع الضحايا في المجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية” والذي موَّله مجلس بحوث الآداب والعلوم الإنسانية بالمملكة المتحدة.

تعترف هذه المبادئ التوجيهية بالأسس التالية وتبني عليها وتكمِّلها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصكوك الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة والاتفاقية بشأن حقوق الطفل والاتفاقية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والمجموعة المستوفاة من المبادئ لأجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان عن طريق مكافحة الإفلات من العقاب ومبادئ الأمم المتحدة العامة ومبادئها التوجيهية بشأن حق ضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي في الانتصاف وعمليات جبر الضرر ومذكرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن التعويضات عن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات وإعلان رابطة القانون الدولي الخاصة بمبادئ عمليات جبر الضرر لضحايا النزاعات المسلحة بالإضافة إلى الصكوك الإقليمية ذات الصلة المتعلقة بحقوق الإنسان.

يجب أن تُقرَأ هذه المبادئ التوجيهية المتعلقة بعمليات جبر الضرر في الأحوال التي تمر فيها المجتمعات بمرحلة ما بعد النزاع على ضوء مبادئ الأمم المتحدة الأساسية ومبادئها التوجيهية لعام 2005 بشأن الحق في الانتصاف والتعويضات وأن تتسق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وتُطبَّق بدون تمييز.

المبادئ التوجيهية العامة

تعد عمليات جبر الضرر الناجم عن المخالفات التي حدثت أثناء النزاعات المسلحة ممارسة تاريخية ومعاصرة في جميع أنحاء العالم.  كما أنها أيضًا تعد التزامًا قانونيًا على الجهات الفاعلة المسؤولة بمعالجة الأضرار التي لحقت بالضحايا نتيجة لانتهاك حقوقهم الإنسانية.

1. عمليات جبر الضرر للمجتمعات التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع

  • عمليات جبر الضرر هي وسائل لعلاج الأضرار التي لحقت بالأفراد والجماعات والمجتمعات بسبب الفظائع التي ارتُكِبَت أثناء النزاعات المسلحة ولتحقيق السلام عن طريق التأكد من عدم تكرار الانتهاكات التي حدثت في الماضي.
  • تشمل النزاعات المسلحة كل من أحوال النزاعات المسلحة الدولية بين الدول بالإضافة إلى النزاعات المسلحة غير الدولية بين دولة ما وجماعة/ جماعات مسلحة غير تابعة للدولة.
  • يعترف القانون الإنساني الدولي بأن أطراف النزاعات الدولية المسلحة يتحملون مسؤولية التعويض عن الانتهاكات، لكن وفقًا للقوانين العرفية يمتد هذا الأمر ليشمل الالتزامات المتعلقة بالنزاعات المسلحة غير الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، يضمن تطبيق قانون حقوق الإنسان في حالة النزاع المسلح حقوق الأفراد والجماعات في الحصول على سبل انتصاف فعالة وسبل للوصول للعدالة.
  • نظرًا للعواقب الوخيمة والخطيرة التي تسببها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سيتطلب الأمر طائفة متنوعة من تدابير جبر الضرر التكميلية (رد الحقوق والتعويضات وإعادة التأهيل وتدابير الترضية وضمانات عدم التكرار – المبادئ من 19 إلى 23 من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لعام 2005) من أجل علاج الأضرار التي لحقت بالضحايا على نحو مناسب وفعال. عمليات جبر الضرر المتعلقة بعواقب النزاعات المسلحة يجب أن تُفسَّر على أوسع نطاق ممكن لضمان التركيز على علاج الأضرار الخطيرة مثل تلك الناتجة عن الأحداث التي وقعت فيها أضرار جانبية.
  • يتسبب النزاع المسلح في طائفة من الخسائر واسعة النطاق والأضرار طويلة الأمد والمعاناة الجماعية والكبيرة للأفراد والمجتمعات المحلية والمجتمعات والبيئة. فغالبًا يُقتَل المدنيون ويُشوَهوا ويصابوا ويُعذبوا ويُشرَّدوا ويعانوا من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الجنساني وغير ذلك من انتهاكات جسيمة. تسبب هذه العواقب الخاصة بالنزاعات المسلحة أضرارًا مادية ونفسية وتُعطِّل الروابط والشبكات الاجتماعية التي من شأنها في الأوضاع العادية أن تقدم الدعم للضحايا وتساعد في التعافي والتنمية. كما تتلف النزاعات المسلحة البنية التحتية المدنية الأساسية والتي يمكن أن تزيد من سوء أزمات نقص الغذاء وإمدادات المياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي مما يخلف آثارًا فرعية يمكن أن تكون مدمرة على التعليم والإسكان والرعاية الصحية والتغذية وانتشار الأمراض. ومن الوارد أن تتأثر البيئة والأراضي والحياة البرية والموارد الطبيعية بصورة خطيرة بالنزاعات المسلحة من خلال التلوث الناجم عن الأسلحة والتلوث البيئي وفقدان المواطن والموائل الطبيعية والصيد الجائر للأنواع المحمية على سبيل المثال لا الحصر. وبالإضافة لذلك، يمكن أن تؤدي النزاعات المسلحة لتدمير الممتلكات الثقافية والممارسات التقليدية للمجتمعات المحلية والأفراد ومجموعات السكان الأصليين مما قد ينتج عنه خسارة انتقال المعارف بين الأجيال المتعاقبة وفقدان الهوية والروابط الاجتماعية. يجب أن تهدف عمليات جبر الضرر لعلاج هذه الأضرار المدمرة وواسعة النطاق.
  • عمليات جبر الضرر تعد تدبيرًا ضروريًا لمكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية، إلى جانب التزامات الدول بالتحقيق مع من تم تحديدهم كمرتكبي هذه الجرائم وملاحقتهم قضائيًا وتسليمهم. عمليات جبر الضرر ليست بديلًا عن آليات التقاضي أو كشف الحقائق أو العكس حيث الخضوع للمساءلة والوصول إلى سبل العدالة هما صورتان رئيسيتان من صور عمليات جبر الضرر. قبول الضحايا لعمليات جبر الضرر لا يعفي الدولة من مسؤوليتها عن التحقيق مع المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات وملاحقتهم قضائيًا وعقابهم كما لا يُسقِط حق الضحايا في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة. نظرًا لفظاعة الانتهاكات واتساع نطاقها أثناء النزاعات المسلحة، فإن عمليات جبر الضرر جنبًا إلى جنب مع المحاكمات القضائية وآليات التحقق وكشف الحقائق تساهم في الانتصاف من الانتهاكات التي وقعت في الماضي وتضمن عدم تكرارها. وغالبًا تحتاج عمليات جبر الضرر لأن تُستكمَل ببرامج التنمية والمساعدة لتخفيف الضرر الذي لحق بالمجتمعات المحلية والبيئة التحتية والبيئة نتيجة للنزاعات المسلحة بدون أن تكون هذه البرامج بديلًا لعمليات جبر الضرر.
  • ينبغي لتدابير جبر الضرر أن تعمل بصورة أساسية على إعادة التأكيد على حقوق الضحايا وكرامتهم وحقهم في المساواة والاعتراف بالأذى الذي لحق بهم والتخفيف من عواقب المظالم والوفاء بالتزامات الدولة نحو منع وقوع هذه الانتهاكات وعلاجها. يمكن أن تساهم عمليات جبر الضرر في الجهود المجتمعية الأشمل مثل المصالحة والثقة المدنية والعدالة التداركية والسلام المستدام عن طريق ضمان معاملة الضحايا بأسلوب يحافظ على كرامتهم بوصفهم أصحاب حقوق ويساهم رد الحقوق في معالجة الأسباب الجذرية للعنف من خلال ضمان عدم تكراره.
  • ولأقصى حد ممكن، ينبغي تصميم عمليات جبر الضرر وإدارتها مع الأخذ في الاعتبار العوامل الهيكلية التي سببت العنف والتسبب في وجود ضحايا من أجل تجنب تكرارها أو مضاعفة الأذى الناتج عنها وذلك من خلال توفير سبل الانتصاف. يجب أن يحتل الضحايا وغيرهم من الجهات الفاعلة ذات الصلة مركز الصدارة في عمليات جبر الضرر وأن يُسمَح لهم بالمشاركة على نحو فعال في تصميم هذه العمليات وتنفيذها ورصدها وتقييمها. يشتمل نهج عمليات جبر الضرر الذي يتمحور حول الضحايا على أخذ آراء الضحايا ومخاوفهم بصورة متواصلة أثناء اتخاذ القرارات المتعلقة بجبر الضرر وضمان أن أي عملية تتم تساهم في إصلاح أحوالهم. التأكد من إدماج أصوات من تضرروا أكثر من غيرهم نتيجة للنزاعات المسلحة والتأكيد على سلطتهم الذاتية على قرارتهم يمكن أن يلقي الضوء على العوامل الهيكلية لعدم المساواة والعنف والتسبب في وقوع الضحايا الذي يتواصل ضرره عليهم وعلى كيفية التعاطي مع هذه العوامل على أفضل نحو. يمكن أن تكون لجان التحقيق والتوثيق ولجان المحاكمات القضائية والنتائج التي تتوصل إليها هيئات كشف الحقائق والآليات الأخرى مفيدة في الكشف عن هذه الأنماط. يجب أن تتصل عمليات جبر الضرر بغيرها من البرامج التي تهدف إلى تصحيح المظالم التاريخية والنظم التي تؤدي للتهميش من أجل تحقيق أقصى أثر لعمليات جبر الضرر، على سبيل المثال مجابهة الفساد والإصلاحات المؤسسية.

 

2. مسؤولية الدولة

  • تعد الدول أطرافًا موقعة على المعاهدات الدولية ومن بينها اتفاقيات حقوق الإنسان وعليها التزامات نحو ضمان وصول ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لسبل انتصاف فعالة، سواءً ارتكبت دولة ما الانتهاكات أو ارتكبتها جهة فاعلة غير تابعة للدولة. لا ينتقص انعدام الإرادة السياسية من الالتزامات الدولية والمحلية نحو ضمان توفر سبل انتصاف للضحايا. بالنسبة للانتهاكات التي ارتكبتها جهات فاعلة تابعة للدولة، يمكن أن تكون عمليات جبر الضرر وسيلة ليس فقط للوفاء بالتزاماتها ولكن لتقديم الاعتذار عما اقترفته في الماضي ونيل ثقة الضحايا والتأكيد على حقوقهم والمساهمة في عدم التكرار.
  • وكجزء من مسؤوليتها، ينبغي أن تعترف الدولة بحدوث النزاع المسلح وبحقوق الضحايا وبدورها في الانتهاكات ضمن أي برنامج لجبر الضرر.
  • يمكن كذلك أن تكون الدول مسؤولة عن الانتهاكات التي ارتكبتها جهات فاعلة خاصة أو غير تابعة للدولة سواءً من حيث تواطئها أو عدم قيامها بمنع وقوع الانتهاكات أو الوقاية من حدوثها أو التحقيق فيها. وفي حين تقع مسؤولية الالتزام بتنفيذ عمليات جبر الضرر وضمان إتاحة سبل انتصاف فعالة على عاتق الدولة بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن ارتكاب الانتهاكات، قد تضطر الجهات الفاعلة الخاصة أو التي لا تتبع الدولة المسؤولة عن الانتهاكات إلى تقديم مساهمات مالية للدولة من أجل عمليات جبر الضرر الذي تعمل الدولة على تقديمه لضحاياهم.

 

3. الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة

  • أثناء النزاعات المسلحة، تكون لدى الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، حين تكون منظمة على نحو كاف وتفرض سلطتها على أراض ما أو تمارس وظائف مشابهة لوظيفة الدولة، التزامات تتعلق بحقوق الإنسان، من بينها الالتزام بضمان إتاحة سبل انتصاف فعالة للضحايا المتواجدين داخل نطاق سلطتها. وعند انتهاء الأعمال القتالية يجب كذلك أن تساهم الجماعات المسلحة في عمليات جبر الضرر.
  • يمكن أن تقدم الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة التعويضات والاعتذار وكشف الحقائق والمعلومات حول مواقع من فُقِدوا أو اختفوا وتعيد الممتلكات لأصحابها وتقدم ضمانات وتأكيدات أن الأشخاص النازحين يمكنهم العودة إلى مجتمعاتهم المحلية سواءً كانت تلك الجماعات تحتفظ بسيطرة على أراض ما أم لا. ويمكن أيضًا أن يستخدموا عمليات جبر الضرر من أجل تقديم ضمانات بعدم التكرار مما يغذي الأهداف الاجتماعية الأكثر شمولًا من مصالحة وتعايش مشترك وسلام مستدام. ويمكن أن توفر عمليات جبر الضرر منصة للحوار بين الضحايا والمجتمع والمقاتلين السابقين من شأنها أن تبرز كيف تكبد المقاتلون السابقون أنفسهم أضرارًا وكيف ولماذا أصبحوا مشاركين في النزاع المسلح والآثار المادية والعاطفية والنفسية طويلة الأمد التي خلفتها هذه المشاركة. انخراط المقاتلين السابقين في عمليات جبر الضرر يمكن في بعض الحالات أن يساعد على منع وصمهم ومساعدتهم على “فهم” هويتهم الجديدة في المرحلة التالية لمرحلة النزاع وتمكِّنهم من “التصالح” مع الضحايا والمجتمعات التي تأثرت بما قاموا به من أعمال عنف. يمكن أيضًا أن تغيِّر المشاركة في عمليات جبر الضرر من شكل علاقة المقاتلين السابقين بغيرهم من المقاتلين السابقين الآخرين الذين كانوا يعدونهم “الأعداء” في وقت ما من الماضي ومع المجتمعات التي تأثرت سلبيًا بما قاموا به من أعمال عنف وفي بعض الأحيان حتى مع الضحايا كأفراد. وهذه المشاركة لا تعفي المقاتلين السابقين من الخضوع للمساءلة عن الانتهاكات الذين هم مسؤولون عنها.
  • يمكن أن يتعرض المقاتلون السابقون للانتهاكات قبل الأعمال القتالية أو أثنائها أو بعد انتهائها. لا يمكن استخدام خلفياتهم وشخصياتهم لحرمانهم من حقهم في سبل الانتصاف الفعالة. عوضًا عن ذلك، من الممكن التعامل مع احتياجاتهم بصورة أفضل من خلال برنامج تسريح وإعادة إدماج يراعي الأوضاع المعقدة لبعض الضحايا.
  • ينبغي أن تدفع الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة المبالغ المستحقة للدولة، إلى أقصى حد ممكن، نظير تكلفة عمليات جبر الضرر الناتجة عن الانتهاكات التي تعد هذه الجماعات مسؤولة عنها ويجب أن تساهم في برامج عمليات جبر الضرر المحلية. يمكن أن تصادر الدول الأصول القانونية وغير القانونية للجماعات المسلحة وتحولها لأموال سائلة لأغراض عمليات جبر الضرر. ولضمان مساهمتهم في هذه العمليات، يمكن استخدام أنواع مختلفة من الحوافز شريطة ألا تكون مخالفة للقانون الدولي ويستطيع الضحايا المشاركة في أي عملية اتخاذ قرار تخص هذه الحوافز. على سبيل المثال، نظير رد الممتلكات وتقديم الاعتذار وتوضيح الأحداث وتحديد مواقع الجثث والمشاركة في آليات تسوية النزاع مجتمعيًا، من بين عدة أشياء أخرى، يمكن أن يتم بحث تخفيف العقوبات الجنائية الصادرة ضد مرتكبي الانتهاكات أو غير ذلك من منافع، طالما تتناسب العقوبات الصادرة ضدهم مع حجم جرائمهم.
  • ويراد من عمليات جبر الضرر أن توفر سبل الانتصاف للضحايا لا أن تكون عقابية. يمكن أن تقدم عمليات جبر الضرر سبيلًا للجهات الفاعلة المسؤولة كي تضطلع بمسؤوليتها إزاء ما قامت به من أخطاء وتسمح بإعادة إدماجهم اجتماعيًا ومعنويًا في المجتمع على المدى الطويل. عمليات جبر الضرر ليست سلع يتم تبادلها نظير أولويات سياسية أخرى، لكنها حق تجب كفالته.

 

4. الجهات الفاعلة الأخرى غير التابعة للدولة

يمكن أيضًا أن تكون الجهات الفاعلة الأخرى مثل الهيئات الدينية والمؤسسات الثقافية وحفظة السلام ومؤسسات الأعمال المشاركة أو المتورطة في الانتهاكات مسؤولة عن عمليات جبر الضرر. الجهات الفاعلة التابعة للدولة وغير التابعة لها مسؤولة عن تقديم عمليات جبر الضرر للضحايا استنادًا إلى صلتهم الطبيعية بالانتهاكات والأضرار الناجمة عن أفعالهم وإخفاقاتهم أثناء النزاعات المسلحة. يقع الالتزام نحو ضمان حق الضحايا في سبل الانتصال الفعالة على عاتق الدولة مع ما يقابل هذا من جهود أو مساهمات مقابلة من قِبَل الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة استنادًا إلى مسؤوليتها عن الانتهاكات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

5. الضحايا

  • اتساقًا مع المبدأ 8 من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية ومبادئها التوجيهية لعام 2005 بشأن الحق في سبل الانتصاف وعمليات جبر الضرر، الضحايا هم هؤلاء الأشخاص، الذين بصورة فردية و/أو جماعية و/أو بوصفهم كيانات قانونية قد تكبدوا أضرارًا كنتيجة مباشرة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و/أو الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي. يمكن أن يطالب أفراد أسرة الضحية المباشرون أو من يعولهم بتنفيذ عمليات جبر الضرر المتعلقة بالأضرار الناجمة عن الانتهاكات. ويجوز أيضًا تقديم عمليات جبر الضرر “للأشخاص الذين تعرضوا للأذى أثناء تدخلهم لمساعدة الضحايا وقت محنتهم أو لمنع وجود ضحايا”. وستعتمد العوامل التي تحدد أفراد الأسرة المباشرين على السياق الاجتماعي والثقافي للضحية. ويمكن أن يعد أفراد آخرين من عائلة الضحية الممتدة من ضمن أفراد الأسرة المباشرين إن كانت هناك صلة عاطفية قوية بين الضحية المباشرة للانتهاكات وهؤلاء الأفراد أو كانت هناك اعتمادية اقتصادية تربط بين أحدهم والآخر أو إن كانوا قد كابدوا أضرارًا نتيجة للانتهاكات على أي حال. وبينما يمكن أن تعتمد “الصلة العاطفية القوية” على السياق الاجتماعي والثقافي للضحية، يمكنها أيضًا أن تعكس القرب ممن قُتِلوا أو عانوا من الانتهاكات أو الاعتمادية عليهم أو ترتيبات المعيشة المرتبطة بهم.
  • ويجوز أيضًا اعتبار المنظمات والمؤسسات والمناطق المحمية ضحايا نظرًا للضرر الذي يمكن أن يقع على المؤسسات الاجتماعية (مثل المستشفيات) والمنظمات الثقافية (مثل الأماكن الدينية) والبيئة أثناء النزاع المسلح. ولتحقيق عمليات جبر الضرر لهؤلاء الضحايا من كيانات قانونية وطبيعية، قد يكون من الملائم الاسترشاد بمشاركة مجموعات الضحايا ذات الصلة والمرتبطة بهذه المؤسسات والأماكن المحمية وتسهيل مثل هذه المشاركة.
  • وللأطفال حقهم الخاص في عمليات جبر الضرر بصفة مستقلة عن والديهم. ينبغي أن تتسق عمليات جبر الضرر للأطفال ضحايا النزاع المسلح مع الأثر طويل الأمد على مدار سنوات تكوينهم الأولى واحتمال اضطرارهم للعيش عشرات السنوات مع الأضرار التي لحقت بهم. وللأطفال الذين وُلِدوا نتيجة لوقائع اغتصاب حقهم الخاص في عمليات جبر الضرر بصفة مستقلة عن أمهاتهم تعكس الأضرار الخاصة التي لحقت بهم والحاجة لتدابير ملائمة لمعالجتها والانتصاف لها. ولتمكينهم من الوصول لعمليات جبر الضرر، من المهم بصورة أساسية الاعتراف بحقهم في الهوية على النحو الواجب وأن تنفِّذ الدول هذا الحق.
  • يختبر الضحايا الأضرار الواقعة عليهم بطرق مختلفة. ينبغي أن تكون الدول والهيئات الأخرى على دراية بالآثار التي يخلفها العنف على الأفراد والمجموعات بحسب نوعهم الجنساني وتوجههم الجنسي وأعراقهم وأعمارهم وإصابتهم بالإعاقة وأصولهم الإثنية ومواقعهم الاجتماعية والاقتصادية وأي خصائص أو صفات أساسية أخرى، بالإضافة إلى الكيفية التي يمكن أن تتقاطع من خلالها هذه الأضرار عبر عدد من الخصائص أو صور الصفات الأساسية. يمكن بالتبعية أن تعتمد الأحقية بموجب برنامج معين من برامج جبر الضرر على نوع الانتهاك أو الضرر الحادث وسبيل الانتصاف المناسب والذي يمكن أن يشمل إيلاء الأولوية بالنسبة للموارد لمن يعيشون أوضاعًا هشة أو قد عانوا من أخطر الانتهاكات. بالنسبة لعملية التقديم والتحديد يمكن أن يكون من المهم استشارة الضحايا للتأكد من وجود قناة فعالة أمامهم يستطيعوا التعبير من خلالها عن آرائهم ومخاوفهم بصدد الأضرار التي لحقت بهم وتدابير جبر الضرر المناسبة.
  • الضحايا الذين كابدوا أضرارًا بناءً على هويتهم المشتركة أو ارتباطهم بإحدى الجماعات أو أي نوع من أنواع الضرر الجماعي قد يعرِّفوا أنفسهم كضحايا بصفة جماعية. ويرجع الأمر للضحايا لتقرير ما إن كانوا يرغبون في التعريف عن أنفسهم كجزء من مجموعة للاستفادة بعمليات جبر الضرر أو تلقي سبل الانتصاف بصفة فردية. وسواءً حدث جبر الضرر بصورة فردية أو جماعية، يظل للضحايا الحق الفردي في جبر الضرر. ينبغي تحديد هذه التدابير من خلال التشاور مع الضحايا كي تكون تدابير ملائمة وفعالة في معالجة الأضرار التي وقعت. يلزم تنفيذ عمليات جبر الضرر الجماعية فقط فيما يتصل بمن عانوا من انتهاك حقوقهم. حيث يلزم الاستجابة للأضرار المتنوعة التي لحقت بالضحايا ويجب تصميمها بمشاركة الضحايا من المجموعات أو الأشخاص أو المجتمعات المتضررة وشعورهم بملكيتهم لها. ينبغي أن تحترم عمليات اتخاذ القرارات والمشاركة هياكل الحكم القائمة للمجموعات الإثنية ومجموعات السكان الأصليين والمجموعات الأخرى. وإلى أقصى حد ممكن، ينبغي أن تعكس عمليات جبر الضرر الجماعية الفهم الجماعي للأضرار والهوية والحقوق وعمليات جبر الضرر. التصورات البديلة لفهم الأضرار بالنسبة لمن عايشوها، وبصفة خاصة السكان الأصليين والمجموعات القبلية ومن ينحدرون من أصول أفريقية ينبغي أخذها في الحسبان عند تصميم برامج جبر الضرر. ويشمل هذا مراعاة رؤيتهم للكون وحقوقهم الجماعية وصلتهم ببيئتهم.
  • لا يتم طمس وضع الفرد كضحية بسبب أفعاله السابقة أو شخصيته. ويشمل هذا من لديهم سوابق جنائية أو الأعضاء في المنظمات الإرهابية أو الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة أو الجهات الفاعلة التي تتبع الحكومة ممن شاركوا في الانتهاكات وأعضاء المؤسسات المتورطين في الفظائع والذي عانوا هم أنفسهم أو أصبحوا ضحايا. يتطلب حجم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي وجود سبيل للانتصاف. يمكن أن تنشئ الدول مسارات منفصلة لعمليات جبر الضرر للمقاتلين السابقين ومرتكبي الانتهاكات الذي هم ضحايا كذلك للتعامل مع احتياجاتهم المتعلقة بسبل الانتصاف وإعادة الإدماج.
  • ينبغي أن تسلك عمليات جبر الضرر نهجًا يراعي النوع الجنساني أثناء تصميمها وتنفيذها لعلاج الطريقة التي يسبب بها النزاع أضرارًا مختلفة على نحو ملائم. ينبغي أيضًا أن تشمل عمليات جبر الضرر الأفراد المنتمين لجماعات تعدد الأنواع الجنسانية (+LGBTIQ) وجماعاتهم من حيث الفهم والاستجابة للأشكال الخاصة من الأضرار، سواءً كانت فردية أم جماعية، التي قد يكونوا عانوا منها.

 

6. مشاركة الضحايا وتسريحهم

  • للضحايا الحق في مشاركة فعالة وهادفة في كل مراحل برنامج جبر الضرر بدءًا من تصميمه حتى تنفيذه ورصده وتقييمه. ينبغي أن تكون المشاركة شفافة ومنتظمة لتجنب سوء الفهم وانعدام الثقة. يمكن أن تأخذ المشاركة صورًا مختلفة كالانخراط المباشر أو التمثيل الجماعي او الاستفسارات بالمراسلات أو عبر الوسائل الافتراضية أو الإلكترونية. ينبغي أن تهدف الدولة للتأكد من امتلاك الضحايا لشعور ملكيتهم لعمليات جبر الضرر والذي يمكن من خلاله ضمان تنفيذ تدابير لسبل الانتصاف تتسم بكونها فعالة وملائمة أكثر. وبناءً على طلب الضحايا، ينبغي تسهيل إنشاء عمليات جبر الضرر بصورة مشتركة كلما كان ذلك ممكنًا. يتطلب الأمر تحقيق توازن دقيق بين ممارسة الضحايا لسلطتهم الذاتية على قراراتهم من خلال المشاركة ومن قد لا يرغبون في المشاركة على الإطلاق بحيث يقدم البرنامج تدابير متناسبة وملائمة لجبر الضرر بالنسبة لجميع الضحايا. بالنسبة لأولئك الذين لا يرغبون في التعاطي مباشرة مع مؤسسات الدولة، يمكن تسهيل هذه المشاركة في برنامج جبر الضرر من خلال دعم شبكات المجتمع المدني التي قد يثق بها الضحايا بدرجة أكبر. الدعم المالي للمجتمع المدني ومنظمات دعم الضحايا، سواءً من خلال الدولة أو من خلال البرامج التي تمولها الجهات المانحة، يمكن أن يؤدي دورًا مهمًا في تمكين الضحايا من تعبئة قدراتهم والانخراط في تصميم عمليات جبر الضرر وتنفيذها.
  • ينبغي أن تتم المشاركة مع الأخذ في الاعتبار النوع الجنساني والأصل الإثني والعرق والعمر والحالة الاجتماعية والاقتصادية وصور التعرض للأذي والعوامل الأخرى التي يمكن أن تشكل عائقًا أمام مشاركة الضحايا بصورة نشطة في تصميم عمليات جبر الضرر وتنفيذها ورصدها. ينبغي تصميم المشاركة بطريقة تتسم باحترام الآراء والتقاليد الأخرى.
  • ينبغي توجيه المشاركة بحيث تحرص على أن يحتل الضحايا في الصدارة بالنسبة لتصميم عمليات جبر الضرر وتنفيذها ورصدها وتقييمها. يمكن أن تكون عمليات جبر الضرر عمليات تركز على الضحايا من خلال السماح لهم بالتعبير عن آرائهم واحتياجاتهم وتوقعاتهم والأضرار التي لحقت بهم. ينبغي أن تكون المشاورات والمشاركة متواصلة وتعزز الحوار وأن تكون وسيلة لتوفير المعلومات لضبط توقعات الضحايا والتأكيد مرة أخرى على حقوقهم. ينبغي ألا تكون مشاركة الضحايا مجرد اتفاق روتيني أو ليس له معنى لكن يجب أن تساهم في التطور المتواصل لبرنامج جبر الضرر والتحولات الشخصية للضحايا.
  • ينبغي أن يعامل موظفو برنامج جبر الضرر ومن يقدمون الدعم للمطالبين بحقوقهم الضحايا بشكل متعاطف وآمن وهادئ. ينبغي ألا تكون عملية تقديم الطلب استجوابًا بل أن تكون عملية تحقق تحترم كرامة الضحايا ودورهم المركزي في هذه المسألة. يلزم توفير تدريب يتعلق بحقوق الضحايا وكيفية التعامل مع الصدمات والاستماع الإيجابي وحماية المعلومات لأي شخص يتواصل مع الضحايا أثناء عمليات جبر الضرر بهدف تقليل تعرض الضحايا للأذى مرة ثانية إلى أقل حد ممكن.
  • اجتماع الضحايا معًا لتعبئة الجهود حول حقهم في سبل الانتصاف الفعالة بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها هو جزء مهم من أجل حشد الإرادة السياسية من أجل إنشاء برامج جبر الضرر. تؤدي منظمات دعم الضحايا دورًا أساسيًا في تقوية مطالبة الضحايا بصورة جماعية بسبل الانتصاف بالإضافة إلى دعم سلامتهم. لا يحتاج جميع الضحايا لأن يكونوا جزءًا من منظمة دعم للضحايا ويجب إيلاء العناية اللازمة للتأكد من إتاحة الوصول لسبل الانتصاف أمام جميع الضحايا، سواءً كانوا ينتمون لمنظمة ما أم لا.
  • ينبغي أن تسعى الدول لتنفيذ عملية تشاور واسعة بشأن تطوير سياسة لجبر الضرر مع المجتمعات المحلية المتضررة وأصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة المسؤولة عن الانتهاكات لإلقاء الضوء على هذا الأمر بصورة أكبر والسماح بمجموعة واسعة من المدخلات بشأن تنفيذه. قد يتطلب الأمر تنفيذ آليات محددة مثل فرق التمثيل أو هيئات الرصد للسماح بالمشاركة الفعالة للضحايا أو اللاجئين أو المشردين داخليًا أثناء الفترة الانتقالية التالية للنزاع المسلح. ينبغي استكمال المشاورات عبر برامج المعلومات المتاحة باللغات ذات الصلة والوسائل السمعية البصرية لتقديم المعلومات للضحايا حول حقوقهم والممارسات المقارنة بأسلوب يمكنهم فهمه ليصبحوا على دراية كافية ويتمكنوا من تقديم مدخلات في هذه العمليات.
  • وحيثما كان ذلك مناسبًا لضمان المشاركة، ينبغي أن تتخذ برامج جبر الضرر نهجًا إقليميًا مع توفير مكاتب إقليمية مخصصة للتوعية يقوم عليها موظفون محليون من مختلف الخلفيات. هذه المكاتب المحلية ينبغي أن تعمل كجهات اتصال من خلالها يتم التواصل مع الضحايا والمجتمعات المتضررة وتزويدهم بالمعلومات بصفة مستمرة ومتواصلة. بالنسبة للائجين ومجموعات السكان في المنفى، ينبغي تقديم المعلومات بشأن البرنامج وكيفية تقديم الطلب من خلال مكاتب التوعية الدولية و/أو السفارات.

 

 

7. دور المجتمع المدني والمجتمع الدولي والجهات المانحة

  • تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا أساسيًا في تنفيذ عمليات جبر الضرر بمختلف الوسائل عن طريق إلقاء الضوء على طلبات الضحايا والنهوض بالدعاوى وتقديم الدعم أو الأماكن الآمنة وإتاحة الوصول لشبكات مناصرة القضية من خلال الخبرات التقنية والقانونية أثناء التقاضي وحتى توفير الخدمات. وبينما تمتلك الدولة ومن ارتكبوا الانتهاكات الالتزام بتقديم عمليات جبر الضرر، إلا إن المجتمع المدني له دور أساسي بالنسبة لأي جهود تتعلق بجبر الضرر لكي تكون ملائمة وسريعة وفعالة. غالبًا تعمل منظمات المجتمع المدني جنبًا إلى جنب مع الضحايا وتطلعهم على حقوقهم وتزودهم بالتجارب المقارنة المتعلقة بممارسات جبر الضرر. التعلُّم من الخبرات الأخرى أمر هام من أجل تقييم كيفية القيام بعمليات جبر الضرر حتى وإن كانت الممارسات لا يمكن تكرارها في كل سياق. تلعب أنشطة الدعوة التي يقوم بها المجتمع المدني ومشاركة الضحايا دورًا محوريًا في وضع عمليات جبر الضرر في إطارها السليم وجلعها فعالة وملائمة للمجتمعات التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع.
  • ينبغي أن يبذل المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، حسب مقتضى الحال، جهودًا لضم الحق في عمليات جبر الضرر إلى المفاوضات والمناقشات المتعلقة بتسوية النزاعات والسلام والأمن بالإضافة إلى تعزيز الآليات الدولية والإقليمية لإعمال حقوق الضحايا في سبل الانتصاف الفعالة.
  • فيما يخص تمويل منظمات المجتمع المدني ودعم الضحايا، على الجهات المانحة أن تدرك أن أنشطة الدعوة ومناصرة القضية التي تدور حول تصميم عمليات جبر الضرر وتنفيذها ورصدها وتقييمها يمكن أن تستغرق العديد من السنوات، إن لم تستغرق عقودًا، وأنه ينبغي التفكير في تقديم دعم طويل الأمد. ينبغي أن تنظر الجهات المانحة لتمويل أنشطة المجتمع الدولي وبرامجه كجزء أساسي من عملية بناء السلام وتحويل النزاع.
  • الجهود الرامية لمعالجة أحداث الماضي التي يبذلها المجتمع المدني والضحايا أنفسهم، على سبيل المثال، من خلال مشروعات إحياء الذكرى والتوثيق ورد الكرامة يمكن أن تكون حاسمة من أجل دعم عمليات جبر الضرر واستكمالها وحث الدولة على اتخاذ الإجراءات. غير أن مبادرات المجتمع الدولي لا يمكن أن تكون وحدها بديلًا عن تنفيذ عمليات جبر الضرر التي يقدمها هؤلاء المسؤولون عن الانتهاكات.
  • الآخرين من الجهات الفاعلية غير المسؤولة في المجتمع، مثل الجهات الفاعلة الدينية وقادة المجتمعات المحلية وأصحاب الأعمال، يمكن أن يلعبوا دورًا أساسيًا في دعم عمليات جبر الضرر وجهود عدم التكرار.

8. عمليات جبر الضرر المؤقتة

  • لجميع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الحق في عمليات جبر ضرر عاجلة بغض النظر عن أماكن معيشتهم أو السياق أو الظروف التي تحيط بتحويلهم إلى ضحايا. وهذا يعني أنه حتى أثناء النزاع المسلح وفي الدول الهشة، ينبغي إتاحة عمليات جبر الضرر للضحايا حتى وإن كانت الصورة الوحيدة المتاحة لها هي عمليات جبر الضرر المؤقتة نتيجة لانعدام الأمن ونقص القدرات المؤسسية ومحدودية الموارد المالية. القصد من تنفيذ تدابير جبر الضرر المؤقتة هو تلبية الاحتياجات العاجلة للضحايا التي نتجت عن الأضرار التي عانوها بدلًا من وصول الأمر إلى حالة تخلي كاملة عن الالتزام بإصلاح الأوضاع.
  • أثناء عمليات القتال، يكون على الدولة وفي بعض الأحوال الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة التزامات أساسية بموجب القانون الإنساني الدولي نحو تخفيف معانات المدنيين ومن يعجزون عن القتال، ومن بينهم المحتجزين وتقديم المعونات والمساعدات الطبية والبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى وجمعهم وإجلاؤهم وإعادة الرفات والمتعلقات الشخصية الخاصة بالموتى. هذه الواجبات متمايزة عن عمليات جبر الضرر التي تفي بالتزامات ثانوية تتعلق بمعالجة عدم الوفاء بالالتزامات الأساسية للدولة والجهات الفاعلة غير التابعة لها.
  • المساعدات الإنسانية حق مهم للضحايا في أوقات النزاعات المسلحة من أجل تخفيف أسوأ آثار الحروب وضمان إمكانية حصول الأفراد على اللوازم الأساسية لعيش حياة كريمة. عادةً تأتي مبادرات التنمية وإعادة بناء البنى التحتية وإتاحة الفرص للمجتمعات المحلية المتضررة من النزاعات المسلحة بعد وقف الأعمال القتالية. ويتم توجيه المعونات لمن هم بحاجة لها وتهدف التنمية لتحقيق مصالح المجتمع المحلي بأكمله أو مجموعات السكان المتضررة من النزاع. وتهدف عمليات جبر الضرر لمعالجة الأضرار التي تكبدها الضحايا نتيجة لانتهاك حقوقهم. ومن أجل الاستجابة الفعالة للانتهاكات، يلزم أن تكون عمليات جبر الضرر مؤسسة من أجل تحسين حياة الضحايا بينما تتبع برامج المساعدات أو برامج التنمية غالبًا خطط زمنية ثابتة تعكس أولويات تمويل الجهات المانحة أو رقابتها على الإنفاق. وجود نهج أطول أمدًا لعمليات جبر الضرر والمعونات والتنمية هو أمر ضروري من أجل الاستجابة على نحو ملائم لاحتياجات الضحايا والمجتمعات المتضررة. ينبغي أن تعترف الحكومات بإرث النزاعات وأن تعالجه من خلال خطط التنمية الوطنية التي تضعها لكن ينبغي أن تحافظ على استمرار عمليات جبر الضرر كعمليات متمايزة تكمِّل جهود التنمية ولا تستبدلها.

9. تقديم الاعتذار

أثناء النزاعات المسلحة، يمكن أن تقدم الأطراف المتحاربة الاعتذار للمدنيين المتضررين من العمليات القتالية، لكن هذا غالبًا لا يُسقِط الالتزام نحو تقديم عمليات جبر ضرر فعالة في المجتمعات المحلية التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع. يشير الاعتذار إلى مدفوعات مالية على سبيل الهبة (بدون تقصير) تُدفَع إلى المدنيين كتعويض عن الخسائر أو المعاناة التي تسببت فيها العمليات العسكرية. وعلى الرغم من أن الاعتذار لا يرقى لأن يكون كعمليات جبر الضرر، إلا أنه يجب عند تقديمه الاسترشاد بمبادئ مشاركة الضحايا وإتاحة الوصول لهم وعدم التمييز ضدهم وأن يتجاوز فكرة التعويض إلى التخفيف عن الآثار قصيرة الأمد للعنف. ينبغي ألا يُطلَب من الضحايا التوقيع على مذكرات تنازل لإعفاء هؤلاء المسؤولين من  الالتزامات القانونية المستقبلية نظير هذه التعويضات. وإن طُلِبَ منهم التوقيع عليها، فإن هذه المذكرات لا تُسقِط حقهم في كشف الحقائق والوصول للعدالة وعمليات جبر الضرر. وحين تُنفَّذ التعويضات على نحو ملائم، فمن الممكن أن تعتبر اعترافًا بالأذى الذي لحق بالضحايا بالإضافة للحد من العداء والتوترات المجتمعية.

10. عمليات جبر الضرر كجزء من العدالة الانتقالية الشاملة

ينبغي قيام آليات جبر الضرر بالتنسيق مع آليات العدالة الانتقالية الأخرى وبشكل تكميلي لها على المستوى الوطني وحيثما أمكن، على المستوى الانتقالي أو المستوى الدولي. وهذا لا يعني أنه ينبغي معاملتها كمجموعة أدوات أو اتباع نهج تعاقبي؛ فعمليات جبر الضرر موضع خلاف سياسي ومعقدة من الناحية التقنية مع الحاجة مع كل سياق لإيجاد المسار الخاص به لإصلاح ما حدث في السابق طالما يتم هذا في إطار المعايير الدولية. كشف الحقائق والخضوع للمساءلة والتحري والإصلاحات المؤسسية وعمليات جبر الضرر هي آليات تكمِّل بعضها وتتشارك في عدة أمور وتهدف لتقديم استجابة شاملة لإصلاح ما حدث في الماضي ومنع استمرار الانتهاكات. ينبغي تقديم عمليات جبر الضرر جنبًا إلى جنب مع برامج بناء السلام وتحويل النزاع مثل نزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج المقاتلين لتقليل التوترات الناجمة عن استفادة المقاتلين السابقين من الدعم قبل الضحايا من المدنيين. وقد تحتاج هذه العمليات لأن تكون متصلة بهيئات استعادة الأصول أو لجان الكشف عن الفساد للإمساك بالمحفزات الهيكلية الأشمل للعنف والاستفادة للحد الأقصى من موارد الدولة.

 

الإطار الإداري للعمل

11. اعتبارات عامة

  • ينبغي أن يسترشد برنامج جبر الضرر بمبدأ البساطة لضمان سهولة وصول الضحايا له وتسريع انتفاعهم به. من المرجح أن تستبعد الإجراءات المعقدة أو متطلبات الإثبات المرهقة ضحايا أكثر وتزيد من التكاليف التشغيلية ويمكن أن تصبح هي نفسها مصدرًا للضرر. في أعقاب النزاعات المسلحة حيث يكون هناك عدد هائل من الضحايا، ينبغي تقديم عمليات جبر الضرر من خلال نظام فعال ليدير بطريقة فعالة من ناحية التكاليف وتتمحور حول الضحايا تدابير عاجلة وملائمة وفعالة لعدد ضخم من الضحايا.
  • بالنسبة للنزاعات المسلحة الدولية يمكن أن يتخذ برنامج جبر الضرر عددًا من الصور من بينها هيئة مشتركة بين الدول أو لجنة للدعاوى أو لجنة تحكيمية أو لجبر الضرر مؤسسة داخل كل دولة لإدارة عمليات جبر الضرر التي تقوم بها الدولة المسؤولة. وهذا لا ينبغي أن يصبح تبادلًا لتكاليف النزاعات المسلحة بين الدول لكن ينبغي أن ينتج عنه تقديم عمليات جبر الضرر للضحايا. على الدول التزام نحو تقديم عمليات الإصلاح للضحايا الذين يعيشون داخل ولايتها القضائية. يمكن أن تستخدم عمليات جبر الضرر هذه الأصول المجمدة المحجوز عليها التي تنتمي للجهات الفاعلة المسؤولة من أجل تمويل تدابير جبر الضرر. استخدام هذه الأصول، لا سيما حين تكون مملوكة للدولة، قد يكون ضروريًا كذلك من أجل جهود إعادة الإعمار التي تتطلب تحقيق التوازن بين الاحتياجات المتضاربة وحقوق الملكية.
  • في النزاعات المسلحة غير الدولية، يمكن أن تؤسس الدولة برنامج لجبر الضرر أثناء النزاع أو بعد وقف الأعمال القتالية، سواءً من خلال برنامج إداري أو عبر الدعاوى القضائية للضحايا أمام المحاكم أو الهيئات القضائية أو شبه القضائية. لا يستبعد وجود برنامج إداري لجبر الضرر حق الضحايا في السعي لجبر الضرر عن طريق المحاكم. لكن إن حصل أحد الضحايا على جبر ملائم وسريع وفعال للضرر الذي لحقه عن طريق برنامج محلي لجبر الضرر وسعى للتقاضي أمام إحدى المحاكم، فقد يحتاج التعويض القضائي للأخذ في الحسبان ما تلقته الضحية بالفعل عن الضرر الذي تسبب فيه نفس الانتهاك الذي تنظر فيه والعكس صحيح. ينبغي إيجاد برامج جبر الضرر طالما كانت هناك حاجة لاستكمال الأفعال المطلوبة منهم وأن تكون لها سلطة كافية كي تتحمل التغيرات السياسية. عندما تنشئ إحدى البلدان برامج متعددة ومتقاطعة لجبر الضرر، ينبغي أن تتجه الجهود لتوحيد أطر عمل هذه البرامج وأساليبها والتنسيق فيما بينها.
  • يمكن تقديم جبر الضرر للضحايا من خلال المحاكم الوطنية أو الدولية و/أو البرامج الإدارية و/أو المحافل التقليدية. بينما يجب توجيه الجهود لتقليل الفوارق إلى الحد الأدنى ومنع التراتبية الهرمية بين الأنظمة المختلفة ولضمان التكاملية عبر سبل الانتصاف المختلفة، فإن للضحايا الحق في الوصول إلى جميع سبل الانتصاف المتاحة للحصول على عمليات جبر ضرر ملائمة. ولهذا أهمية خاصة حين يتصل الأمر بالدول الفيدرالية حيث يمكن أن تتفاوت برامج جبر الضرر من حيث ما تقدمه للضحايا داخل كل بلد. في هذه السياقات السياسية، هناك التزام على الدول نحو ضمان أن الحق في عمليات جبر الضرر يُقدَّم بأسلوب لا يميز بين مواقع الضحايا ويأخذ دائمًا في الاعتبار الحق في المساواة وعدم التمييز. بالنسبة للمحافل التقليدية المستخدمة لدعم عمليات جبر الضرر، ستكون هناك حاجة لوجود ضمانات إجرائية لتجنب حدوث تهميش أو ممارسات تمييزية لجماعات معينة، وخصوصًا النساء.
  • وعلى الرغم من أن الالتزام نحو تقديم عمليات جبر الضرر للضحايا يقع أساسًا على كاهل الدول، إلا أنه في حالة عدم وفائها به عبر سبل انتصاف محلية فعالية، سواءً قضائية أو غير قضائية، يمكن أن تمتلك هيئات أخرى مثل الهيئات المعنية بحقوق الإنسان التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية الصلاحية القضائية للبت في هذه المسائل. وعند القيام بذلك، يتعين على الآليات التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية أن توفر جميع المعلومات ذات الصلة كي تقرر أفضل الطرق لمعالجة مطالبات جبر الضرر، بما في ذلك عن طريق النظر في إفادات الضحايا وآراء الخبراء والقيام بزيارات ميدانية من بين أمور أخرى. كما يمكن أن تعرض الهيئات التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية على الأطراف مساحة للتسوية أو الحوار بحيث يمكن تصميم خريطة طريق ملائمة لعمليات جبر الضرر وتنفيذها. وكلما كان هذا مناسبًا، يجوز للهيئات التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية أن تنظر في عمليات جبر الضرر القائمة على المستوى الوطني، بحيث تحقق القرارات الدولية أكبر أثر ممكن لعمليات جبر الضرر بالنسبة للضحايا.
  • ينبغي تأسيس عمليات جبر الضرر على أساس قانوني رسمي مثل قانون تشريعي ما أو قرار رئاسي. ينبغي أن ينص هذا الإطار القانوني المسترشد بالمشاورات والعملية التشاركية على الغرض من عمليات جبر الضرر والمستفيدين منها وصورها والمتطلبات التي يلزم الوفاء بها ومدة البرنامج والمسؤولين عن تنفيذه. ينبغي أن يستند إنشاء أي برنامج إداري لجبر الضرر على أكثر البيانات دقة عن الانتهاكات وأحوال الضحايا وتقدير كمي ملائم لتكلفة هذا البرنامج على مدار عمره بالإضافة إلى تحديد المصادر التي ستموله. ينبغي أن يهدف أي برنامج إداري لجبر الضرر إلى تقييم عمليات جبر الضرر وتنفيذها في أسرع وقت ممكن وأن يكون على استعداد لتقديم الدعم طوال الحياة للضحايا، إن اقتضى الأمر هذا. ولكي تكون هذه البرامج قادرة على أداء مهمتها، تحتاج لأن يتم منحها الصلاحيات الضرورية ضمن التراتبية الهرمية للدولة. يجب أن تتوفر آليات الرقابة لرصد أعمال برامج جبر الضرر المحلية وآثارها.
  • يجب أن يتمكن الضحايا من الحصول على خدمات الدعم لمساعدتهم أثناء تقديم طلباتهم لبرامج جبر الضرر وعلى المساعدات النفسية والاجتماعية على مدار العملية. يمكن تقديم الدعم للضحايا أثناء عملية تقديم الطلب عن طريق منظمات المجتمع المدني، سواءً كانت هذه المنظمات تمولها الدولة أو الجهات المانحة، طالما تسمح بتغطية ووصول كافيين للمجتمعات المتضررة. يجب أن تقدم الدولة تعويضًا عن أي تكلفة مالية متكبدة عند تقديم الطلبات لبرامج جبر الضرر، على سبيل المثال تعبئة الاستمارات أو تقديم أدلة طبية أو تكاليف الانتقال للمراكز الحضرية عن طريق تطوير عملية يسهل الوصول لها وفهمها وتراعي قدرات الضحايا واحتياجاتهم.
  • يجب اتخاذ تدابير لضمان أن أولئك الذين يعيشون في أوضاع هشة مثل أولئك النازحين قسريًا أو أولئك الذين عانوا من إصابات خطيرة يمكنهم الوصول لبرامج جبر ضرر عاجلة للتخفيف من تدهور أوضاعهم. ينبغي النظر في التدابير المؤقتة للتخفيف من تكبد الضحايا المزيد من المعاناة والأضرار. وفي هذا السياق، يجب إيلاء عناية خاصة للأطفال، بما في ذلك الجنود الأطفال والأطفال الذين وُلِدوا نتيجة وقائع اغتصاب وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الجنساني من بين أمور أخرى. قد تكون الأولوية للوصول لصور معينة من صور جبر الضرر أداة ضرورية ومشروعة إن كانت معقولة ومبررة وضرورية.
  • لا تعد مخاوف الدولة من أن تستفيد الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة من عمليات جبر الضرر أو تنتهي هذه العمليات لتكون في أيدي تلك الجماعات سببًا لإنكار الحق في عمليات جبر الضرر أو حجبه. للضحايا الحق في عمليات جبر الضرر وسبل الانتصاف الفعالة المتعلقة بالانتهاكات بغض النظر عن خلفياتهم أو ارتباطاتهم الأسرية.
  • يمكن تطوير استراتيجية للتواصل حول كيفية التواصل مع الضحايا وأوقات التواصل معهم وعدد مرات التواصل. يلزم أن تستند هذه الاستراتيجية إلى مبادئ التواصل الفعال والمنتظم مع الضحايا ليكونوا على دراية بالتطورات وكي يُعامَلوا بأسلوب يتسم بالاحترام والكرامة. ينبغي أن يستخدم أي برنامج لجبر الضرر مجموعة من الصيغ المختلفة بما في ذلك وسائل الإعلام أو الجرائد الحكومية أو منصات التواصل الاجتماعي أو الوسائل المناسبة ثقافيًا لإطلاع الضحايا على الفرص المتاحة أمامهم وعلى حقهم في تقديم طلباتهم إلى البرنامج. من المهم التعامل مع استفسارات الضحايا من خلال أنظمة استجابة، بما في ذلك الهاتف والبريد الإلكتروني والأنظمة المؤمنة لنقل الرسائل والبريد. يمكن المساعدة على توضيح الأمور وإظهارها للجمهور والتواصل بشأن التطورات من خلال موقع إلكتروني على الإنترنت لإبلاغ الضحايا بانتظام بأي أمور تستجد وإرشادهم إلى خدمات الدعم الأخرى والإجابة على الأسئلة الأكثر شيوعًا. وفي الأوضاع التي تتميز بفقر الموارد، ينبغي توفير التواصل من خلال محطات الراديو المحلية والجرائد والوسائط الأخرى التي يستخدمها السكان المحليون بانتظام.
  • يجب أن تراقب هيئة مستقلة تنفيذ برامج جبر الضرر إما من خلال فريق أو منتدى أو لجنة تضم ممثلين عن المشاركين من الوكالات الحكومية والضحايا ومنظمات المجتمع المدني. يجب أن تصدر هذه الهيئة القائمة على الرصد تقاريرها بصفة منتظمة وأن تكون لها مهمتها المستقلة التي تضطلع بها وأن تتوفر لها الصلاحيات كي تتقدم بالطلبات وتجري البحوث وتقدم النصائح إلى المسؤولين الحكوميين بشأن تحسين برنامج جبر الضرر. ويجب أن تكون جميع التقارير متاحة للجمهور كي يطلع عليها. وقد يتضمن عمل هذه الهيئة الآليات الرقابية للدولة، مثل أمين المظالم أو لجنة حقوق الإنسان أو اللجنة التشريعية.

12. نطاق الأهلية في برامج جبر الضرر الإدارية

  • يجب أن يكون جبر الضرر متاحًا لجميع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمخالفات الصارخة للقانون الإنساني الدولي. وبالنسبة لمعايير أهلية الاستفادة ببرامج جبر الضرر، يمكن تحديد نطاق أحد البرامج الإدارية بناءً على عوامله الزمنية المتعلقة بزمن حدوث الانتهاكات وأنواعها ونطاق الاختصاص القضائي للبرنامج ونطاقه الجغرافي. يجب أن تعرِّف الدولة النزاعات المسلحة على نحو شامل ودقيق بحيث تشمل طائفة من الوقائع المتصلة بالنزاع لتوفير سبل الانتصاف لها، مثل الوقائع التي نتجت عنها أضرار جانبية.
  • يجب أن تكون متطلبات الأهلية متناسبة وفعالة من ناحية الاستجابة لأوضاع الضحايا ومدى ضخامة الانتهاكات والحالة لضمان وجود سبل انتصاف فعالة. لا بد من مراجعة متطلبات الأهلية من وقت لآخر للتأكد من كونها ملائمة للسياق التي تُطبَّق فيه وفعالة بالنسبة لتقديم جبر الضرر لجميع الضحايا.
  • يمكن أن تقدم برامج جبر الضرر الإدارية عملية عاجلة أكثر للضحايا من خلال تقليل الحد الأدنى المطلوب من الأدلة مما يقلل من عبء الإثبات الواقع على كاهل الضحايا من أجل إثبات دعاواهم وإقامة الأدلة عليها. يمكن أن يشمل هذا قبول الدعاوى التي تندرج ضمن مصفوفة معينة من الحقائق أو أنماط محددة من العنف، التي تؤيدها السجلات التي تحتفظ بها الدولة وتقارير الجرائد والنتائج التي تتوصل لها لجان تقصي وكشف الحقائق ولجان التحقيق ولجان استجلاء الحقائق التاريخية. ينبغي أن تفترض الدولة، بحسن نية، أن ادعاءات الضحايا حقيقية ويقع عبء إثبات العكس على الدولة نفسها. ويجوز أن تكون الافتراضات الأخرى لوقوع الأضرار ملائمة من أجل تخفيف عبء توفير الأدلة فيما يتصل بانتهاكات معينة (على سبيل المثال، فيما يتصل بالأشخاص الذين شوهدوا لآخر مرة كمحتجزين لدى الدولة) وفيما يتصل بالمجموعات الضعيفة والهشة من الضحايا مثل من تعرضوا للعنف الجنسي أو من وُلِدوا كنتيجة لحوادث الاغتصاب أو من أصيبوا بإصابات بالغة أو إعاقات.
  • كما يمكن استخدام إفادات الضحايا والشهود المصرح بها بعد أداء اليمين القانونية لتأييد صحة ادعاءات الضحايا لكن يمكن أن يخلق هذا صعوبات بالنسبة للانتهاكات التي ارتُكِبَت سرًا مثل العنف الجنسي وإخفاء الأشخاص قسرًا والتعذيب. يمكن توفير شهادات الوفاة لمن قُتِلوا لكن يجب ألا يكون هذا مطلوبًا بالنسبة لمن فُقِدوا أو اختفوا. لتسهيل تقديم أشمل فائدة لمن عانوا أشد المعاناة، ينبغي أن تنظر الدول أثناء تنفيذها برامج جبر الضرر في افتراض ثبوت الوقائع أو تحميل عبء إثبات عدم صحة الواقعة للطرف المدعى عليه كأساس أو تقليل الحد الأدنى المطلوب من الأدلة عند تطبيق البرامج فيما يتصل بانتهاكات معينة (على سبيل المثال فيما يتصل بمن تعرضوا للتعذيب أو اختفوا أو شوهدوا لآخر مرة كمحتجزين لدى الدولة) وبالنسبة للضحايا المنتمين لفئات هشة (على سبيل المثال ضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الجنساني والأطفال الذين وُلِدوا نتيجة لحوادث الاغتصاب).
  • يمكن تقسيم عملية التقييم إلى فئات مختلفة من المراحل من أجل تسريع إجراءات الدعاوى، بما يتماشى مع الالتزام بضمان تقديم عمليات جبر ضرر عاجلة وسريعة. فقد يتضمن هذا إعطاء الأولوية لتقييم الضحايا الذي يعانون من انتهاكات مستمرة مثل حالات الاختفاء والعنف الجنسي أو تصنيف الادعاءات الأصغر كادعاءات تحتاج لمراجعة “أبسط” مقارنةً بالادعاءات الأكبر أو ضم منظمات دعم الضحايا أو منظمات المجتمع المدني لإدارة تدابير جبر ضرر محددة حين يكون ذلك مناسبًا. ومن ناحية أخرى، يمكن الاستعانة بعملية فرز مبدئية (على سبيل المثال تصنيف الادعاءات باستخدام نظام ألوان إشارات المرور حيث يكون الأخضر = يفي الادعاء بمعايير الأهلية ويتوفر به أدلة كافية، والبرتقالي = الادعاء يفي بمعايير الأهلية لكنه بحاجة للمزيد من الأدلة، والأحمر = لا يفي الادعاء بمعايير الأهلية) وذلك من أجل تسهيل عمليات تقييم القرارات لاحقًا عبر استخدام تطبيقات الترميز.
  • يجب النظر في أحوال الضحايا ممن لهم ظروف خاصة عند طلب أنواع معينة من وثائق الإثبات. فعلى سبيل المثال، الأطفال الذين وُلِدوا نتيجة لحوادث الاغتصاب والأشخاص النازحون داخليًا واللاجئون والأشخاص عديمو الجنسية قد لا تتوفر لهم إثباتات هوية. وبالنسبة للضحايا الذين يعانون من إصابات خطيرة، يجب عدم إجراء أي عمليات تقييم غير اجتياحية مثل المراجعات الطبية أو مراجعة طبيعة العجز أو الإعاقة إلا بموافقة الضحية وبصورة مجانية وعن طريق أطقم عمل مدربة وأن يتم هذا بأسلوب يحترم كرامة هؤلاء الضحايا وفقط حين لا تتوفر معلومات كافية بالفعل في السجلات الحكومية أو سجلات منظمات المجتمع المدني.

 

13. تقديم طلبات الضحايا وتسجيلهم

  • يجب جمع البيانات عن حالات وجود ضحايا عبر سجل للضحايا للمساعدة على إثبات صحة ادعاءاتهم من خلال المعلومات الموجودة في السجلات الحكومية والمعلومات المتاحة للجمهور. يجب أن يضم السجل كل من الضحايا الأفراد وجماعات الضحايا بالإضافة إلى جميع الانتهاكات ذات الصلة التي تضرر الضحايا من حدوثها. مراعاة السرية حق للضحية وليس للدولة.
  • يجب تصميم استمارات تقديم طلبات الضحايا بحيث تتسم بالبساطة ومراعاة الضحايا، في صورة ورقية و/أو على الإنترنت، ليقوموا باستكمالها عن طريق ذكر بياناتهم الشخصية والمعلومات ذات الصلة بالخسارة أو الإصابة أو الضرر الذي لحق بهم. يجب توفير استمارات تقديم الطلبات باللغات التي يستخدمها الضحايا إلى جانب نسخ ميسرة وأخرى مكتوبة بطريقة برايل. وبالنسبة للضحايا غير الملمين بالقراءة والكتابة، يجب تقديم المساعدة عبر منظمات المجتمع المدني لتمكينهم من استكمال استمارات التقديم الخاصة بهم.
  • يجب دمج استمارات تقديم الطلبات والبيانات الأخرى التي تم جمعها من الهيئات والوكالات المعنية الأخرى في سجل وطني واحد. يجب الاحتفاظ بهذه البيانات مع مراعاة الحفاظ على السرية والخصوصية مع وجود التزامات إفصاح واضحة بخصوص كيفية التعامل مع هذه البيانات ولأي أغراض وإلى أي مدى يمكن أن يطلع عليها الضحايا والمنظمات العاملة في مجال برامج جبر الضرر بما يتفق وموافقات الضحايا. يجب الاحتفاظ بجميع السجلات بما يتماشى مع حق الضحايا في الخصوصية وبما يتفق مع أفضل الممارسات المتعلقة بحماية البيانات وتخزينها والتعامل معها.
  • وقد تكون هناك حاجة لمد فترة التسجيل للسماح للضحايا الذين لم يسمعوا بالبرنامج بعد أو الذين كانوا غير مؤهلين في البداية للتسجيل فيه. وتكون الحاجة لمد فترة التسجيل ذات أهمية خاصة فيما يتصل بالضحايا المنتمين لفئات ضعيفة وهشة ممن يواجهون عراقيل مثل الوصم أو التهميش أو النزوح أو المسائل المتعلقة باستمرار انعدام الأمن والتي تعيقهم عن التحدث مع الآخرين عن معاناتهم أو التسجيل في برامج جبر الضرر بعد هذا.

14. التمويل وإدارة المخاطر والضمانات المالية

  • يجب أن تضع الدول ميزانيات مخصصة موزعة على عدد من السنوات لتمويل عمليات جبر الضرر المقدمة للضحايا ضمن برنامج لجبر الضرر بصورة مستدامة. تُنفَّذ برامج جبر الضرر المعقدة غالبًا على مدار أكثر من عقد من الزمن ولهذا، يجب النظر في تخطيط الموازنة بموجب هذه الفرضية.
  • يجب ألا تكون برامج جبر الضرر الإدارية باهظة التكاليف على نحو مفرط وألا تتسم بالبيروقراطية التي لا تساعد كثيرًا في إعمال حق الضحايا في برامج جبر الضرر. يجب تقليل النفقات التشغيلية للحد الأدنى لضمان استفادة الضحايا بالموارد إلى أقصى حد. من يقدمون التمويل لبرنامج جبر الضرر مسؤولون كذلك عن مراقبة الإنفاق وضمان توافر اليقظة الواجبة وتحقيق البرنامج لآثاره المرتقبة. يجب إتاحة هذه الميزانية للجمهور ومراجعة حساباتها ضمن إطار الرقابة المالية مع تقديم تقارير عن النفقات بصفة منتظمة.
  • يمكن أن تُستَخدَم مصادر التمويل الأخرى لاستكمال برامج جبر الضرر التي تخصص لها الدولة ميزانية أو لتعويض هذه الميزانية أو لمشروعات معينة ينقصها التمويل بالتشاور مع الضحايا المتضررين. ينبغي فصل الأصول التي تم الحجز عليها وتسييلها لأغراض برنامج جبر الضرر على نحو عاجل وفعال لتستخدمها الضحايا.

15. اللوائح الإدارية

على ضوء ما ذُكِر سابقًا من توجيهات، يوضح هذا القسم الخطوط العريضة لنسخة مصغرة من المعايير الواجب النظر فيها بالنسبة للإطار القانوني للعمل الخاص ببرنامج جبر الضرر. يجب إتاحة لوائح برامج جبر الضرر للجمهور باللغات المناسبة التي يستخدمها الضحايا مع الاسترشاد بالبنود التالية:

  • ينبغي أن تكون أطقم العمل المكلفة بالعمل على البرنامج الإداري مدربة بحيث تضع الضحايا في المقام الأول وتراعي المسائل المتعلقة بالصدمات أثناء عملها. يجب أن تعكس المهارات لدى أطقم العمل طيفًا واسعًا من المهارات والخبرات بما في ذلك الخبرات القانونية والخبرات المتعلقة بعلوم الإنسان والخبرات المالية والخبرات الطبية.
  • يجب أن يتجنب برنامج جبر الضرر إلحاق أضرار ثانوية للمرة الثانية بالضحايا المتعاملين معه عن طريق تطبيق نهج لا ضرر ولا ضرار أثناء القيام بعملياته.
  • يجب أن تتوفر آليات داخلية لتلقي الشكاوى للتعامل مع شكاوى الضحايا بأسلوب عاجل وفعال مع إتاحة إمكانية اللجوء إلى أحد الهيئات أو اللجان المستقلة للعمل على الشكاوى أو حالات إساءات التصرف التي لم تتم معالجتها على نحو ملائم. وبعد استنفاد العمليات الداخلية للطعون داخل برنامج جبر الضرر الإداري، يمكن للضحايا اللجوء لتقديم الطعون أمام المحاكم.
  • لا بد من أن يحظى رؤساء برنامج جبر الضرر أو مديروه بالخبرة والسمات الأخلاقية العالية التي من شأنها أن تكسبهم احترام الضحايا وثقتهم. ويلزم أن يكون بإمكانهم ممارسة وظائفهم بأسلوب مستقل وغير متحيز ومراعٍ وأن يرغبوا في سلوك هذا المنحى. وينبغي ألا تكون لديهم أي مصالح مالية أو تضاربات في المصالح أثناء تأديتهم لوظائفهم.
  • يجب أن يكون لبرامج جبر الضرر مجلس إدارة يمكنه رصد أعمال البرنامج وتأثيره وتقديم المشورة والتحليل. ولا بد من أن تضم هذه الهيئة ممثلين عن الضحايا ومنظمات المجتمع المدني بالإضافي إلى أصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة.
  • يجب أن يطبق البرنامج نهجًا يضع الضحايا في المقام الأول أثناء تأدية المهام المنوطة به، على سبيل المثال عن طريق تحديد كيفية مشاركة الضحايا على مدار سير العمليات وتأسيس هيئات رئيسية دائمة تُعنى بمشاركة الضحايا.
  • يجب ذكر معايير الأفراد والجماعات والمساعدين الذين يمكنهم التقدم بطلب شغل هذه الوظائف بصورة تفصيلية وواضحة.
  • يجب تقديم المعلومات المتعلقة بكيفية قيام الضحايا بتقديم طلباتهم ومعايير الاستحقاق التي يلزم أن تتوفر في الضحايا كي يستفيدوا من برامج جبر الضرر. على هذه المعايير أن تسهل الوصول السريع والفعال لخدمات جبر الضرر وأن تزيل أي أعباء غير ضرورية من على كاهل الضحايا.
  • يجب إنشاء سجل للضحايا يشمل جميع الضحايا من الأفراد والجماعات المصنفة كضحايا. يجب أن يتوفر لهذا السجل لوائح متعلقة بحماية البيانات والخصوصية وأن يلتزم باحترامها أثناء معالجة هذه البيانات وتخزينها.
  • تحتوي استمارة تقديم طلبات الضحايا عادةً على بيانات معينة من بينها اسم الضحية وتاريخ ومحل الميلاد وجنسه والعنوان الذي يجب إرسال المراسلات عليه واسم الوالدين (إن كانا معلومين)، ورقم وثيقة الهوية (جواز السفر أو رخصة القيادة أو بطاقة الهوية الوطنية) ونوع الانتهاك/الأذى الذي وقع وتاريخ الواقعة أو الوقائع وأماكن حدوثها وتفاصيل أكثر عن الانتهاكات و/أو سرد لها وأي أدلة أو شهود تؤكد حدوث الوقائع وأي معالين أو مقدمي رعاية ومساحة خالية لذكر جبر الضرر الملائم الذي يرغبوا في الحصول عليه مع الأخذ في الاعتبار نطاق البرنامج. وبالنسبة للضحايا الذين لا يملكون وثائق هوية شخصية أو لم تصدر لهم واحدة قط، يجب تطوير عملية لتزويدهم بالوثائق المناسبة مجانًا. يكون هذا في أغلب الأحيان عائقًا يحول دون الوصول لسبل الانتصاف بالنسبة للأطفال المولودين نتيجة حوادث اغتصاب وجماعات السكان الأصليين والجماعات القبلية والنازحين والأشخاص عديمي الجنسية. وفي كل الأحوال، لا يجب استخدام عدم توفر وثيقة هوية في حد ذاته كعذر للحرمان من الاستفادة ببرامج جبر الضرر.
  • يجب توضيح صور جبر الضرر والفوائد التي يمكن أن يحصل عليها الضحايا من برنامج جبر الضرر لهم لأغراض الشفافية ولضبط توقعاتهم.
  • يجب أن تضع اللوائح المبادئ التي ترشد عملية اتخاذ القرارت بخصوص كيفية تقييم الادعاءات وتحديدها. ويجب أن تضم هذه المعايير، على أقل تقدير، مبادئ الكرامة وانتهاج نهج يضع الضحايا في المقام الأول وعدم التمييز والسرعة والفعالية وتطبيق مبدأ لا ضرر ولا ضرار والتداخل وسهولة الوصول.
  • يجب تقديم نتائج القرارات على نحو عاجل لمقدمي الطلبات بصورة كتابية وبلغة يمكنهم فهمها مع ذكر أسباب اتخاذ القرار سواءً كان يقضي بأهليتهم للانخراط في البرنامج أم عدم أهليتهم وذكر ما يحق لهم الحصول عليه بحسب مقتضى الحال وذكر تفاصيل عملية الطعن على القرار. ينبغي أن تذكر الرسائل الموجهة لأصحاب الطلبات التي تم قبولها، بحسب مقتضى الحال، اعترافًا بالفرد أو بالجماعة كضحية وتحديد الانتهاك الذي أدى لاعتبارهم ضحايا وشرح التدابير التي يمكنهم الاستفادة منها وتقديم معلومات حول كيفية المتابعة لاتخاذ الخطوات التالية. هذه الرسائل صورة أساسية من صور الاعتراف بالحالة وتقديرها.
  • يجب إتاحة التقارير السنوية والتقارير المحاسبية عن نشاطات برامج جبر الضرر للجمهور بما في ذلك الإفصاح عن جميع التمويل الذي تم تلقيه وتفاصيل النفقات وعمليات جبر الضرر التي تم تنفيذها حتى تاريخه وكيفية التواصل مع الضحايا وكيفية إشراكهم في المشاورات وجعلهم ينخرطون في البرنامج وتفاصيل التوزيع السكاني من حيث خصائص السكان والتوزيع الجغرافي الخاصة بالمستفيدين من البرامج والمعلومات الأخرى المتصلة بتقييم تنفيذ الآلية المعنية للقيام بمهام جبر الضرر بصورة فعالة.

 

Arts & Humanities Research Council
Queens University Belfast
Redress